Admin •-«[ A d M ! N ]»-•
هل انت مرتبط : تقيمك للمنتدى : الجنسية : مصرى رقم هاتفك : 191353581 عدد المساهمات : 874 تاريخ الميلاد : 20/09/1994 تاريخ التسجيل : 11/05/2009 العمر : 30 الموقع : https://a77m.ahlamontada.net/ العمل/الترفيه : the love المزاج : LOVLY تعاليق : نحاول التميز من اجل منتدى افضل لكم
| موضوع: رحلة العائلة المقدسة (الحلقة الأخيرة) فى أسيوط.. جبال ومغارات تضع خاتمة رحلة العائلة المقدسة لأرض مصر الإثنين يناير 11, 2010 1:55 am | |
| ١/ ١/ ٢٠١٠ من «الأشمونين» بالمنيا يبدو الطريق إلى أسيوط مفتوحاً.. تسلك العائلة المقدسة نفس الطرق التى يستخدمها المصريون.. أصبحت العائلة الآن بالتعود أو بالتجربة أكثر فهماً لطبائع الناس هناك.. تدخل قرى مزدحمة.. تبدأها بديروط وتستريح فيها تحت شجرة ضخمة ولا تلبث أن تتركها مستكملة سيرها. فى طريقها تمر على «صندفا» و«صنبو»، ثم القوصية فقرية «مير» التى تخرج منها إلى جبل «قسقام» حيث حجرة صغيرة مبنية بالطوب اللبن تقيم فيها ستة أشهر و١٠ أيام.. وعندما يموت الملك هيرودس يظهر الملاك فى الغرفة الصغيرة ليوسف النجار ويأمره بالعودة إلى أرض فلسطين.تغادر العائلة المقدسة حجرتها الصغيرة عائدة إلى فلسطين، تنوى ركوب النيل لـ«منية السودان» حالياً، وحتى تستقل مركباً كان عليها أن تسير قليلاً إلى الجنوب إلى مدينة أسيوط بسبب وجود المرسى هناك. فى مدينة أسيوط تباغتهم مياه الفيضان.. تهرب العائلة المقدسة مع الأهالى إلى مغارات الجبال، حتى يأتى المركب فيستقلونه إلى الشمال. وهناك يستريحون فى بلدة مسطرد، ينبع بها السيد المسيح بئر مياه، وتغسل له العذراء ملابسه وتحممه منها فيتغير اسم البلدة إلى «المحمة»، قبل أن تتركها العائلة عائدة إلى فلسطين.جبل أسيوط الغربى يحتضن دير السيدة العذراء بـ«درنكة» و«المحرق» يعلو قمة جبل «قسقام» الشهير بـ«محرقة الحلفا» واقتربت الرحلة من نهايتها.. نحن الآن فى الطريق إلى أسيوط بعد أن غادرنا المنطقة الأثرية بالأشمونيين التابعة لمركز «ملوى».. المركز قبل الأخير من مراكز المنيا.. نمر فى طريقنا على «دير مواس» آخر مراكز المحافظة الكبيرة، ونودع بوابات المنيا لنستقبل الطريق الزراعى لمحافظة أسيوط.فى أسيوط يزداد الجو سخونة، وترتفع درجة حرارته بالتدريج، وتظهر خشونة الأرض فى لون الزراعات المائل للاصفرار.. أما البشر فهم أصعب مراساً من غيرهم فى أماكن أخرى زرناها.. تشى بذلك قسمات وجوههم، وطريقة تعاملهم، ونظراتهم.ندخل قرية ديروط الشريف بحثاً عن الشجرة المقدسة التى تحمل اسم العذراء مريم، والتى يقال إن العائلة المقدسة استراحت تحتها أثناء رحلتها الطويلة. يخبرنا الأهالى أنها موجودة داخل كنيسة الأنبا صرابامون، ويصفون لنا الطريق إليها فيبدو شاقاً وعسيراً، إذ إن الشارع الرئيسى فى البلدة ضيق للغاية.. ينحصر بين الأراضى المزروعة، وبين الترعة التى يبدو أنها تغذى المنطقة بالمياه.. نسير باحتراس كبير خوفاً من ارتكابنا خطأ قد ينتهى بنا بالسقوط فى إحدى الحرمين، إما الزراعة أو ترعة المياه.ندور قليلاً فى البلدة خلف الوصفات المضللة كالعادة قبل أن يلتقطنا مجموعة شباب يركبون دراجات نارية، ويرتدون ملابس حديثة للغاية لا تتماشى مع جو الصعيد، نسألهم عن الطريق إلى الكنيسة فيشير لنا أحدهم قائلاً «خليكوا ورانا هنوصلكم إحنا رايحين هناك». عبر شوارع ضيقة، وحارات ملتفة يسبقنا الشباب على دراجاتهم النارية.. نسير وراءهم بالسيارة حتى ينتهوا بنا إلى طريق زراعى ضيق للغاية يظهر فى آخره مبنى الكنيسة الكبير بصلبانه الضخمة.. ننفذ من بوابته ليتسلل إلى آذاننا صوت الصلاة التى بدا أنها منعقدة حالياً، ولا يكذب ظننا، فعندما نسأل عن الكاهن يأتينا الرد «هو فى القداس وقدامه نص ساعة عشان يخلص».بعد نصف الساعة يبدأ المصلون فى الخروج من مبنى الكنيسة واحداً وراء الآخر.. سيدات ورجال.. فتيات وفتيان أطفال صغار، وعائلات بأكملها، ومن خلفهم يهل الكاهن مرتدياً زيه الكهنوتى، ومستبدلاً بغطاء رأس القساوسة شال من الصوف لف به رأسه وعنقه.. أقبل الكاهن وهو يسير ببطء تفسره سنوات عمره المتقدمة، ورحب بمقدمنا عارضاً أن يصطحبنا بنفسه لرؤية الشجرة المقدسة.وسط عشرات الأهالى الذين كانوا يؤدون الصلاة داخل الكنيسة منذ قليل قادنا الأب «صرابيون» عبر ممر طويل ملتوى إلى نقطة بعيدة داخل الكنيسة.. فى آخرها ينتصب أربعة تماثيل للسيد المسيح والسيدة العذراء ويوسف النجار وحمارهم تمثلهم فى وضع السير، وكأنهم كانوا هنا بالأمس، وهى التماثيل التى قال عنها الأب إنها نموذج تقريبى يشرح للزوار هيئة العائلة المقدسة أثناء الرحلة، إلى اليمين من التماثيل كانت شجرة من نوع الجازورين تنتصب عالية سامقة، يحيط بها الأهالى من جميع الاتجاهات.. يلمح الكاهن عدداً من الأطفال يتسلقون الشجرة ويتعلقون فى فروعها فيصيح فيهم قائلاً «يا واد انت وهو ياللى فوق انزلوا تحت».. يسارع الأطفال بالقفز إلى الأرض، مبتعدين عن عيون «أبونا» التى تلاحقهم بإصرار.يقف الأب صرابيون بجوار الشجرة، ويضع كفه الكبير على جذعها قبل أن يقول إن العائلة المقدسة استظلت تحتها طبقاً للروايات التى يتناقلها أهل البلدة جيلاً بعد جيل، يحدث هذا كما يقول الأب دون وجود دليل مادى على ذلك «أنا ما عنديش معلومة مؤكدة.. احنا بنسمع اللى يقول قعدوا يوم واللى يقول قعدوا تلاتة واللى يقول أسبوع ما فيش معلومات مؤكدة». ورغم ذلك فإن هناك عدداً كبيراً من الناس يتباركون بالشجرة يشير إليهم الكاهن قائلاً «فيهم اللى من جوة البلد، وفيهم اللى من براها والمسلمين أكتر من المسيحيين».تظهر رؤوس الأطفال من مخابئها يراقبون بها خطوات الكاهن وهى تبتعد، وبمجرد أن يتأكدوا من انصرافه يعتلون فروع الشجرة مرة أخرى، ويقطعون من أوراقها ليقذفوا بها إلى أهاليهم الذين راحوا يستحثونهم من الأسفل بقذف الأفرع الخضراء ليحتفظوا بها على سبيل البركة.نترك ديروط متجهين إلى المحطة التالية المتمثلة فى قرية صنبو مارين فى طريقنا بقرية صندفا.. فى صنبو يخبرنا القمص داوود اسحق كاهن كنيسة مارجرجس أنه لا يوجد فى القرية أى آثار لرحلة العائلة المقدسة باستثناء أنهم هناك يعتقدون أنها مرت فى طريقها للقوصية من طريق النجار الذى يقع أمام مسجد النجار بالقرية. نطير إلى هناك قبل أن نتوجه إلى القوصية حيث المطرانية الكبيرة التى يستقبلنا داخلها الأب صموئيل فرج الله مقدماً لنا نبذة مختصرة عن تنقلات العائلة المقدسة فى قرى محافظة أسيوط، قبل أن تصعد جبل قسقام الموجود به حالياً دير المحرق الشهير.يمتد الحديث لينتقل الأب صموئيل إلى مقارنة سريعة بين ما ذكر فى الإنجيل والقرآن عن السيدة مريم العذراء قائلاً «فيه اختلاف كبير بين الكتابين على السيد المسيح، إنما الست العدرا مفيش اتنين اختلفوا عليها أبداً». يدعم الأب صموئيل رأيه بآيات من القرآن بدا أنه يحفظها عن ظهر قلب، وعندما يلاحظ تعجبنا يقول بابتسامة «أنا عندى نسخة من القرآن الكريم بتفسيره فى درج مكتبى».من مكتب الأب صموئيل نتوجه رأساً إلى دير المحرق.. تستقبلنا لافتات كثيرة على الطريق مزودة بالأسهم توضح كيفية الوصول إليه، وأخرى ترحب بزائرى الدير، وثالثة تعد الكيلومترات القليلة الباقية على الوصول إليه. لا يبتعد «المحرق» كثيراً عن «القوصية».. دقائق قليلة ونصل لشارع ضيق لكنه طويل للغاية تظهر فى نهايته بوابة الدير الضخمة، ومبانيه العالية.تذكر اللوحة التعريفية الضخمة الموجودة بجوار مدخل الدير أن «دير السيدة العذراء بالمحرق جبل قسقام قد تقدس بإقامة العائلة المقدسة أثناء هروبها إلى مصر، وأن تاريخ تأسيسه يرجع إلى نهاية القرن الرابع الميلادى، فى حين يرجع تاريخ الكنيسة الأثرية وهى البيت المهجور الذى سكنته العائلة المقدسة إلى نهاية القرن الميلادى الأول، واشتهر الدير منذ القدم باسم دير السيدة العذراء بالمحرق لقربه من المنطقة التى كانت تحرق فيها الحشائش والنباتات الضارة بجبل قسقام».داخل الدير الذى ندخله من بوابته العملاقة نجلس فى انتظار الأب «فام المحرقى» الراهب بالدير والمسؤول عن الزوار.. يقودنا الأب «فام» إلى الكنيسة الأثرية بالدير.. يخلع حذاءه قبل أن يدخلها فنقتدى به. ومثل معظم الكنائس الأثرية كانت كنيسة السيدة العذراء بالدير المحرق خالية من المقاعد الخشبية، مفروشة أرضيتها بالسجاد.. يزيح الأب «فام» ستارة كبيرة تحمل صورة للسيدة العذراء مع المسيح من على باب الهيكل، ويشير بالداخل قبل أن يقول «المكان ده هو أكتر مكان عاش فيه السيد المسيح بعيد عن بيت لحم مكان ميلاده». المكان الذى أشار إليه الأب «فام» كان عبارة عن حجرة صغيرة تحوى مذبحاً مستديراً مغلف بمفرش كبير مطبوع عليه صور للسيدة العذراء وهى تحتضن المسيح. يروى الأب «فام» أن العائلة المقدسة لجأت إلى غرفة مهجورة مبنية بالطوب النيئ كانت موجودة فوق قمة جبل قسقام فى طريق هروبها إلى الجنوب، وأنها أقامت بها ستة أشهر و١٠ أيام، حتى ظهر ملاك الرب ليوسف النجار فى نفس الحجرة ليعلمه بموت هيرودس الملك الذى كان يسعى وراء المسيح، ويأمره بالعودة مرة أخرى لفلسطين.تبارك المكان بتنقلات السيد المسيح طفلاً، كما يتابع الراهب، وعندما صعد للسماء، ظهر للسيدة العذراء وقال لها «إكراماً لك يا أمى سوف أذهب لأكرس المكان الذى عشنا فيه بجبل قسقام»، وبالفعل كما يقول الراهب فقد جاء السيد المسيح مع والدته، وعدد من تلاميذه على سحابة، وهبطوا فى الموضع الذى عاشوا فيه من قبل، وقام السيد المسيح برش مياه فى أركان الغرفة، معلناً أن المكان سيظل عامراً إلى الأبد، كما أعلن أن أى شخص يطلب أى شىء بإيمان داخل المكان فسوف يحققه ربنا له من أجل العذراء. وبهذا كما يقول الراهب يكون دير المحرق هو المكان الوحيد فى العالم الذى كرسه المسيح بنفسه، الأمر الذى يجعل منه «القدس الثانية أو أورشليم الثانية» لمصر كلها.يعنى هذا أن أقدم شىء فى الدير هو الهيكل كما يقول الراهب والذى يصل عمره لأكثر من ألفى سنة، تأتى بعده مباشرة غرفتان أقيمتا فى القرن الرابع الميلادى، ثم بنيت الكنيسة لاحقاً فى القرن التاسع عشر الميلادى، وبذلك كما يقول الراهب تتحقق نبوءة الكتاب المقدس والتى وردت على لسان النبى إشعياء عدد ١٩ كتاب ١٩ وذلك قبل ٧٠٠ سنة من ميلاد المسيح، والتى جاء فيها «فى ذلك اليوم يكون مذبح للرب فى وسط أرض مصر»، وهى النبوءة التى يقول عنها الراهب إنها نفذت حرفياً بتكريس السيد المسيح للمكان.يشد الأب «فام» الستارة مرة أخرى ليغلق مدخل الهيكل قائلاً إنه مع قدسية المكان فقد قامت «منتواب» ملكة الحبشة بحمل تراب من جبل قسقام وخلطته بمواد بناء كنيسة أقامتها هناك أعطتها اسم كنيسة قسقام تبركاً بالمكان المقدس، وأضاف الأب قائلاً إنه نظراً لقدسية المكان فإن هناك معجزات كثيرة تحدث فيه للمسلمين والمسيحيين على السواء.وعقب انتهاء الشرح داخل الكنيسة أخذنا الأب الراهب فى جولة داخل الدير الكبير، وفتح لنا الحصن الأثرى الذى يرجع تاريخ إقامته إلى القرن السابع الميلادى، والذى كان الرهبان يستخدمونه قديماً فى الاختباء من غارات المهاجمين الذين اعتادوا السطو على خيرات الدير، كما اصطحبنا فى جولة أخرى لقلالى الرهبان الذين يبلغ عددهم ١٤٠ راهباً يعيشون على مساحة ٢٠ فداناً، هى المساحة الكلية للدير.وبانتهاء جولتنا فى الدير كان علينا أن ننصرف إلى مدينة أسيوط لقضاء الليل، استعداداً لرحلة العودة بعد زيارة دير السيدة العذراء بجبل أسيوط الغربى، والذى غادرت منه إلى القاهرة.فى الصباح الباكر كانت السيارة تنهب بنا الطريق فى اتجاه قرية درنكة، التى تقع عند سفح الجبل.. كانت اللوحات الإرشادية ترسم الطريق للدير، وعلى بعد ٧ كيلومترات من مدينة أسيوط ظهرت مبانى الدير المهيب الذى يحتضنه الجبل فبدا وكأن الجبل نبت فوق الدير، وليس الدير هو الذى أقيم فى حضن الجبل.دقائق قليلة استلزمها المرور على قرية درنكة الصغيرة التى اشتهرت بحريق نشب فيها عقب السيل الذى هاجم مصر فى منتصف تسعينيات القرن الماضى، بدأ بعدها الطريق يصعد إلى الجبل، وبرز الدير مهيباً على القمة. فتح لنا المسؤولون أبواب الدير لنصور بداخلها المغارة الكبيرة التى قال عنها الراهب لوقا أحد رهبان الدير، أن العائلة المقدسة لجأت إليها فى طريق عودتها لمصر، وأنها بقيت فيها إلى أن مر مركب شراعى حملها إلى القاهرة.المغارة التى تحتوى على كنيسة تعرف باسم كنيسة المغارة تقع على يمين الداخل إلى الدير.. تهبط بالزوار عدة سلالم قبل أن يجدوا أنفسهم وسط كهف جبلى عملاق يحوى عدداً من الأيقونات والصور، وعدداً آخر من غرف مغلقة بدا وأنها خصصت للعبادة، فى حين انتشر عدد من المقاعد الخشبية فى أنحاء المغارة الضخمة.داخل المغارة راحت أسرة مكونة من أب وأم وطفلين واقفة أمام صورة كبيرة للعذراء مريم يرددون بعض الترانيم الخاصة بتكريم وتبجيل السيدة العذراء، وراح صدى ترانيمهم يتردد فى فضاء المغارة، قبل أن تختتم الأم الترانيم بصلاة من الإنجيل رددتها خلفها باقى أفراد الأسرة.روى الأب لوقا قصة لجوء العائلة المقدسة إلى المغارة بقوله إن العائلة فى طريق عودتها للقاهرة كان عليها أن تستقل المركب من المرسى الكبير الذى ترد إليه المراكب، والذى كان يقع وقتها فى مدينة أسيوط، ونظراً لأن الوقت الذى جاءت فيه العائلة إلى أسيوط كان وقت فيضان النيل، فقد فعلت العائلة ما كان المصريون معتادين على فعله مع قدوم موسم الفيضان، وهو اللجوء للجبل حتى تنحسر مياه الفيضان التى اعتادت أن تدمر قراهم وتغرق منازلهم. ولا يعرف الأب لوقا كم يوماً مكثت العائلة المقدسة داخل المغارة، كل ما يعرفه أنهم ظلوا فيها حتى ظهر لهم مركب فاستقلوه فى طريقهم للقاهرة. وبعد انتشار المسيحية فى مصر كما يقول الأب لوقا فقد تحولت المغارة إلى كنيسة فى القرن الأول الميلادى، ثم ما لبثت أن تحولت إلى دير فى القرن الرابع الميلادى، مع ظهور الرهبنة وانتشارها فى مصر. ويضم الدير أربع كنائس، كما يضم مكانا لإقامة الرهبان الذين قال الأب لوقا إن عددهم يبلغ ٢٧ راهباً يقيمون فى نصف الدير البحرى، فى حين يقيم فى النصف القبلى ما يقرب من ٥٠ راهبة من المكرسات.بانتهاء زيارتنا لدير السيدة العذراء بجبل أسيوط الغربى كان علينا أن نحزم أمتعتنا ونقتفى أثر العائلة المقدسة فى رحلة العودة، لم يسمح لنا الوقت الذى لا يرحم أن نركب النهر مثلما فعلوا، لم يكن هناك بد من استخدام السيارة فى طريق العودة للقاهرة.. حيث توقفنا هناك قليلاً داخل كنيسة السيدة العذراء الأثرية بمسطرد.. نزلنا المغارة القديمة التى يقال إن العائلة مكثت فيها لبعض الوقت فى طريق عودتها، وشاهدنا البئر المقدسة التى يقال إن السيد المسيح أنبعها ليشرب منها وتغسل له العذراء ملابسه وتحممه من مياهها الأمر الذى كان سبباً رئيسياً فى تسمية البلدة باسم «المحمة».تنتهى الرحلة ولا تنتهى الحكايات، فهى باقية ما بقيت مصر.. فى الكنائس والأديرة.. تحت جذوع الأشجار وفى قيعان الآبار.. داخل المدن وبين القرى.. على الأيقونات ووسط الترانيم.. إنها رحلة لعائلة مقدسة أعطت ظهرها لمدينة لا ترحم، وولت وجهها شطر بلد آمن.. لم يعرف أهله يوماً فضيلة مثل التسامح، ليس فقط لأن مسلميه يعتقدون فى صدق مقولة رسولهم الذى تنبأ بأن يظلوا وأهليهم «فى رباط إلى يوم الدين»، ولكن لأن مسيحييه أيضاً يؤمنون بأن «الله محبة». | |
|